السبت، 15 يونيو 2013

المكتبات الرقمية : الواقع والمستقبل


 
المكتبات الرقمية : الواقع والمستقبل
 
 
مجبل لازم مسلم المالكي*
أولاً: المقدمة :

 

يعيشالعالم اليوم ثورة هائلة وتطورات سريعة ومفاجئة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنشر الإلكتروني .. وقد أحدثت هذه التقنيات تحولات جذرية في وسائل حفظ المعلومات
 وتداولها .. ومع اتساع دائرة هذه التطورات المتلاحقة، وتنامي حجم مصادر المعلومات الإلكترونية بمختلف أشكالها، وحاجة المؤسسات المعلوماتية إلى تحديث معلوماتها وتطوير مقتنياتها وخدماتها؛ فضلاً عن تنوع احتياجات الباحثين والدارسين للحصول على معلومات غزيرة ومتنوعة في مختلف بقاع العالم؛ ظهرت جملة من الاتجاهات الحديثة لمواكبة عصر المعلومات، ومنها المكتبات الرقمية بوصفها مؤسسات ونظم قواعد بيانات ضخمة تحتوي على مختلف مصادر المعلومات المخزنة ونظم الاسترجاع الشاملة التي تعالج ببراعة البيانات الرقمية بمختلف الوسائط: (نصوص، صور، أصوات، رسوم ثابتة ومتحركة) التي تدعم المستفيد في تعامله مع المعلومات المتوافرة لدى مؤسسات المعلومات، ومن خلال بنوك وشبكات المعلومات ومن بينها الإنترنت.


لقد ولدت هذه المكتبات بصفتها إستراتيجية جديدة واستجابة ملحة وضرورية لتلبية احتياجات الباحثين وعموم المستفيدين في جميع أنحاء العالم ورغبتهم في الحصول على معلومات سريعة ومتطورة، وعجز نظم المعلومات التقليدية عن تلبية مثل هذه الاحتياجات. وفي مراحل الانتقال


 * بكالوريوس آداب لغة عربية من جامعة البصرة ، العراق عام 1974م.
- ماجستير في المكتبات والمعلومات من جامعة بتسبرغ ، الولايات المتحدة الأمريكية عام 1983م.
- دكتوراه في المكتبات والمعلومات من الجامعة المستنصرية ، العراق عام 1997م.
- يعمل الآن أستاذًا مشاركًا في قسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب - جامعة صنعاء باليمن .
 
 
 


من المجتمع الورقي إلى المجتمع الإلكتروني سيكون للمكتبات دور مستقل ومتميز في تقديم خدمات معلومات نوعية ومتجددة بوصفها كيانًا أو عالمًا واسعًا يتضمن توفير مختلف نصوص الوثائق ومصادر المعلومات بأشكالها الإلكترونية المخزنة على الأقراص الليزرية المدمجة، أو المرنة، أو الصلبة، أو من خلال خدمات البحث بالاتصال المباشر؛ فضلاً عن دور هذه المكتبات في تمكين المستفيدين من الوصول إلى المعلومات والبيانات المخزنة إلكترونياً عبر نظم وشبكات المعلومات وهم في بيوتهم، أو مؤسساتهم، ومكاتبهم الخاصة.
ثانياً: أهداف البحث:
يهدف البحث إلى مناقشة وتحليل وتبيان الآتي:
1- ماهية المكتبات الرقمية والمصطلحات التي أفرزتها بيئة تكنولوجيا المعلومات، ومعرفة دلالاتها، وتوضيح الفروقات بين هذه التسميات والمصطلحات.
2- العوامل التي مهدّت لظهورها وانتشارها.
3- أهداف المكتبات الرقمية.
4- خصائص المكتبة الرقمية.
5- مبنى المكتبة الرقمية وطبيعة ونوعية مقتنياتها.
6- مؤهلات العاملين فيها ووظائفهم الأساسية.
7- خدمات المكتبة الرقمية.
8- تجارب المكتبات الرقمية ومشروعاتها.
9- الاتجاهات المستقبلية لهذه المكتبات في خضم ثورة المعلومات وتطورات عصر مجتمع المعلومات.
ثالثا: أهمية البحث :
تكمن أهمية البحث في كونه يتناول نمطاً جديداً من أنماط مؤسسات المعلومات التي ولدت بوصفها إستراتيجية جديدة في اختزان وتنظيم وبث المعلومات إلى طالبيها، كما أن هذه المكتبات تجعل المستفيد على اتصال مباشر بقواعد ونظم المعلومات المتطورة من خلال الاستخدام الأمثل للإمكانات والتسهيلات التي يقدمها هذا النموذج العصري للمكتبة بمبانيها وتقنياتها وبرامجها وخدماتها الحديثة المتنوعة . يضاف إلى ذلك أن قلة الدراسات العربية التي تعرف بهذه المكتبات وتجاربها وتطبيقاتها يضفي أهمية أخرى لهذا البحث في رفد النتاج الفكري في حقل المعلومات والمكتبات ،ولا يمكن تجاهل الفائدة التي يمكن استخلاصها من جدوى بناء هذه المكتبات وإمكاناتها والاتجاهات المعاصرة للنهوض بواقع مكتباتنا العربية وتطويرها باتجاه التحول نحو المكتبات الإلكترونية مما يشكل عاملاً مساعداً للمؤسسات التي تتجه أو تخطط لإنشاء هذا النوع من المكتبات.
رابعاً: منهج البحث :
اعتمد البحث على مراجعة وتحليل النتاج الفكري المتعلق بالمكتبات الرقمية وغيرها من المكتبات الأخرى التي تستثمر التكنولوجيا الحديثة وتوظفها في أعمالها وإجراءاتها وخدماتها؛ فضلاً عن الخبرة والملاحظة بما يمكن أن يؤدي إلى رسم صورة جلية لواقع هذه المكتبات وأهمية وجودها واتجاهاتها المستقبلية، ومن ثم وضع بعض الاستنتاجات المستنبطة من واقع وتطورات هذا النمط من المكتبات الذي أخذ يفرض وجوده بقوة في عصر التكنولوجيا المتطورة وثورة المعلومات الفائقة.
خامساً: التعريفات والمصطلحات :
إن تعبير أو مصطلح المكتبة الرقمية Digital library يحيطه الغموض ما دام مفهوماً تقنياً يرتبط بلغة الحاسوب وتحويل اللغة العادية إلى لغة رقمية، وهناك عوامل تكمن وراء هذا الغموض منها.
أ- إن مجتمع المكتبات درج على استخدام مصطلحات وتعابير أخرى للدلالة على المعنى نفسه، ومنها:
- المكتبة الافتراضية Virtual library.
- المكتبة الإلكترونية Electronic library.
- مكتبة بلا جدران library without walls .
دون أن يوجد فاضل واضح بين معاني أو دلالات هذه التسميات. ولكن تعبير المكتبة الرقمية يعد أحدث تعبير شاع استخدامه بشكل واسع.
ب- العامل الثاني هو أن المكتبة الرقمية كانت موضع اهتمام الكثير من الباحثين في حقول معرفية مختلفة، مما أدى إلى اختلاف وجهات النظر في هذا المجال.
ج- العامل الثالث، فقد جاء بعد شيوع استعمال الإنترنت، مما دفع الكثيرين إلى تسمية الكم الهائل من المعلومات الذي تنقله أو تقدمه الإنترنت بأنه مكتبة إلكترونية أو رقمية وخاصة ما تقدمه الشبكة العنكبوتية العالمية web (word wide web) ؛ إلاَّ أن بعض المتخصصين في مجال المكتبات الإلكترونية يرى أن الإنترنت وما تضم من مصادر معلومات ضخمة للمعلومات وما يعرض على الويب لم يصمم لخزن واسترجاع المعلومات وفق نظم المكتبة وإنما يمكن تصوره باعتباره مخزوناً غير منظم لنتاج جماعي أو لما ينشر في العالم من منشورات رقمية وبالتالي، فإن الإنترنت ليست هي المكتبة الرقمية(1).
وبالرغم من ذلك نستطيع تقديم بعض التعريفات للمكتبات الرقمية أو الإلكترونية مما ورد في النتاج الفكري، ومنها على سبيل المثال(2):
1- هي كيان أو عالم واسع يتضمن جميع مصادر المعلومات الرقمية الشبكية .. في حين ينظر البعض لهذا النوع من المكتبات على اعتبارها مشروعات رقمية مؤسساتية.
2- المكتبة التي تمسح جميع أشكال المواد ضوئياً، وترمزها بهدف إتاحة الوصول إلى جميع مقتنياتها إلكترونياً.
3- المكتبة التي يتوافر لديها اتصال بشبكة الإنترنت ومجموعة قواعد البيانات المتاحة في أي مكان.
4- هي تلك المكتبات التي تتميز بالاستخدام المكثف لتقنيات المعلومات والاتصال وأعمال الحوسبة واستخدام النظم المتطورة في اختزان المعلومات واسترجاعها وبثها إلى الباحثين والجهات المستفيدة.
5- ويرى كونوللي Connoly أن المكتبة الإلكترونية أشبه ما تكون "بمركز المعرفة" ، حيث يعمل المهنيون في المعلومات كبوابات Gateways لمصادر المعلومات الرقمية وغيرها.
6- ويرى رجال المستقبليات Futurists بأنها: تمثل التعبير عن ذاكرة ودماغ العالم World Brain لاهتمامها بتكويد نصوص كل لغات العالم.
 7- وتعرّف المكتبة الرقمية أيضاًَ بأنها مجموعة من أوعية المعلومات المحسبة رقمياً، والمرتبة بطريقة خاصة تناسب طريقة الاستخدام من خلال شبكات المعلومات التي تمكن من الوصول إلى المعلومات مهما بعدت المسافات، وتؤكد تجهيزات المكتبات الرقمية على تيسير تزويد المعلومات وبثها واستخدامها.
وينبغي أن تؤدي هذه المكتبة الخدمات الأساسية للمكتبة التقليدية، وتوظف في ذلك مزايا  التخزين الرقمي، والمعالجة الرقمية، والبحث، والاتصالات الرقمية، كما أنها تدعم تلك الخدمات بتوفير الأمن، والتحقق، ورقابة الملكية الفكرية.
ولابد من القول : إن التسميات السابقة تعكس تنوع خلفيات الباحثين الموضوعية، وقد يستخدم بعضها على سبيل الترادف أحياناً، وإن كان هناك من يرى أن هناك بعض الفروقات بين مصطلحي المكتبة الإلكترونية والافتراضية.
فالمكتبة الافتراضية (Virtual Library ) مكونة من أرصدة وثائقية مرقمة ومحمولة في شبكات معلوماتية تمكّن من استثارة واستخدام نصوصها عن بعد، وهذه المكتبة لا تحدد فضائياً، فهي في أماكن متعددة مربوطة بتقنيات النص الفائق أو المترابط، وهي مفتوحة دوماً ونافذة على الشبكة العالمية، وهذا يعني أن هذه المكتبة ليس لها وجود كيان مادي وإنما هي محاولة لموقع خاص بمكتبة استطاع من خلال بروتوكولات تعاونية أسندت إليه في شكل روابط أن يجعل المستفيد يطلع على الأوعية التي تقتنيها، فهي مكتبة تخيلية افتراضية، ومثل هذه المكتبة قد لا تخضع إلى معايير المؤسسة قانونياً ولا حتى مهنياً، وتستطيع أن تقدم خدمات جليلة في ميدان الثقافة والبحث العلمي والتنزّه والتسلية ولكنها لا تضمن جدية أو مدى صحة المحتوى.
أما المكتبة الإلكترونية، فهي مكتبة عادية أو شبكة مكتبات لها رصيد وثائقي مرقم يمكن معاينته أو استشارته من قريب أو بعيد بواسطة الحاسوب وواجهة Interface تمكّن أو تتيح الاستخدام العمومي. وتتميز هذه المكتبة عن المكتبة الافتراضية بمهنيتها، فهي لابد أن تنتمي إلى مؤسسة أو عدة مؤسسات، وتوفر وثائق أو نصوصًا مرقمة، ومفهرسة، ومصنفة حسب مقاييس مهنية مضبوطة، ودقة في تمثيل المعرفة، وتخضع المعلومات فيها إلى تقييم من جانب المكتبي أو الموثق .. فالمكتبة الإلكترونية هنا لها كيان مادي أساساً ومن الأمثلة على هذا النوع مكتبة كاليفورنيا الرقمية وهي مكتبة جامعية California Digital Library. فهي إذن مكتبة تحولت من الشكل التقليدي إلى الشكل الرقمي الذي يتعامل مع الأرقام الثنائية (الصفر والواحد) بحيث اشتمل هذا التحول على المحتوى المادي والبشري في المكتبة، ويقصد بالمحتوى المادي الخدمات والإجراءات الخاصة بالإعداد الفني للأوعية وتحويلها إلى أشكال قابلة للقراءة إلكتــرونياً من خــلال عمليـــات المســــح الضــــوئـــــي (Scanner) أو مــــن خــلال إنشائها في شكل رقمي (Digital form)، أما المحتوى البشري فيقصد به تأهيل وتدريب العاملين في المكتبة من اختصاصيي مكتبات ومعلومات ومحللي نظم للتعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ورقمنة مصادر المعلومات(3).
ويذهب مارشونيني Marchionini, G إلى أن مفهوم المكتبة الرقمية يستخدم بمعان متعددة في مجتمعات مختلفة، ففي المجتمع الهندسي وعلم الحاسبات تمثل المكتبة الرقمية استعارة لأنواع جديدة من خدمات قواعد البيانات الموزعة لإدارة بيانات الوسائط المتعددة multimedia: أما في المجتمعات السياسية ورجال الأعمال فيمثل المصطلح سوقاً جديدة لمصادر وخدمات المعلومات العالمية، وبالنسبة إلى المكتبة الافتراضية، فهي تعتمد على تكنولوجيا الواقع التخيلي أو الافتراضي Virtual Reality  وتتمثل في مقدرة الحاسوب على إنشاء بدائل ومحاكاة ينغمس فيها المستفيد وكأنها معلومات حية، أي أن بإمكان المستفيدين تصفح نظام مكتبي معين دون حاجة للذهاب إلى المكتبة وبعض نظم المكتبة التخيلية موجودة الآن في شكل منتجات أقراص مدمجة CD-Rom(4).
ومهما كانت طبيعة ونوعية تلك التعريفات واختلاف وجهات النظر؛ إلا أنه يمكن القول : إن المكتبات الرقمية تمثل بيئة معلوماتية جديدة كلياً سواء بالنسبة لأمناء المكتبات أو المستفيدين، وتقوم على التقنيات الحديثة وتعتمد مصادر المعلومات الإلكترونية مدخلاً رئيساً في عملها، وترتبط بعلاقات وثيقة وتعاونية مع الكثير من المكتبات ومراكز المعلومات ودور النشر، وفئات متنوعة من المستفيدين (أفراد ومؤسسات) عن طريق شبكات المعلومات الوطنية أو الإقليمية، أو الدولية(5).
سادساً: العوامل التي مهدت لظهور المكتبات الرقمية وانتشارها :
خلال العقود الثلاثة الأخيرة . ساعد عدد من العوامل الأساسية في تحويل حلم المكتبة الرقمية إلى حقيقة وهي(6):
1- ظهور الحاسبات الرقمية وعمليات الاختزان الرقمي للمعلومات.
2- انتشار الشبكات المتطورة بمختلف أنواعها وولادة وتطور شبكة الإنترنت العالمية.
3- المرونة في عرض المعلومات للمستفيدين بطرق متنوعة جعل المكتبة الرقمية مفضلة وشائعة ومستخدمه وأكثر ألفة وخاصة بعد ظهور نظم النصوص المترابطة التي تستخدم إمكانات الحواسيب وبرامجياتها المتاحة في دمج وتكامل عناصر النصوص والأشكال والرسوم والحركة والصوت ولقطات الفيديو بوصفها واجهة بيانية للمستخدم أو بوصفها أسلوب عرض متناسق، حيث تسمح هذه النظم بالاسترجاع غير المتتابع/ المتسلسل للمعلومات من خلال توليفة من (النصوص/ الصور/ الأصوات) التي تسمى بالعقد Nodes أو الكتل التي يتم الربط فيما بينها بما يسمى الوصلات أو الروابط Links ويسهم المستفيد في توظيفها وتحريكها في رحلة الملاحة والتجوال والتصفح بما يتيح له استرجاع المعلومات بشكل مفصل ومرئي ومسموع، كما تتيح لـه تتبع مسارات النصوص كشبكة كثيفة من العلاقات المنطقية المتداخلة أو العرض الديناميكي.
4- كما أسهم الإطار التنظيمي المؤسسي، وظهور هيئات واتحادات المكتبات الرقمية في تقييم أدواتها ومشروعاتها وإقامة ورش العمل والأبحاث والتطبيقات الخاصة بالمكتبة الرقمية ودراسة مشكلاتها والتنبؤ بما يمكن أن يطرأ عليها مستقبلاً كما هو الحال في اتحاد المكتبات الرقمية Digital Libraries Federation (DLF) الذي أسس في واشنطن عام 2001م وغيرها من الاتحادات والمنظمات .. ومن بينها اتحاد ومشروع المكتبات المحوسبة على الخط المباشر (OCLC) في الولايات المتحدة الأمريكية.
5- تنوع احتياجات الباحثين ورغبتهم في الحصول على كم غزير ومتنوع من المعلومات والمعارف.
6- وقد ساعد التداخل المشترك وتكامل العلوم والهندسة والإدارة على ظهور واتساع نمو ودعم المكتبات الرقمية، وكانت النتائج لا تتعلق بظهور المؤسسات فحسب، بل اكتشاف وانتشار العلوم وزيادة المعرفة وكذلك فهم وبناء نظم متعددة، ودعم مشروعات عديدة، وتشغيل القوى العاملة في مختبرات وأقسام المكتبات الرقمية. ويبين الشكل الآتي العناصر الثلاثة التي أسهمت في تطور المكتبات الرقمية ( العلم، الهندسة، والإدارة)(7).


 
 
 
 
 
 
 
 
 

سابعاً: أهداف المكتبات الرقمية:
تهدف المكتبة الرقمية إلى تحقيق الآتي(8):
1- توزيع وإيصال المعلومات إلى المجتمع بشكل كفوء واقتصادي ومباشر وسريع عبر مختلف منافذ وقنوات الاتصال الإلكترونية لإشباع مختلف الاحتياجات المعلوماتية والبحثية.
2- جمع وتخزين وتنظيم المعلومات والمعارف بأشكال رقمية.
3- التعاون وتقوية أوامر الاتصال بين المجتمعات البحثية والحكومية والتعليمية والتجارية.
4- الإسهام في تعزيز فرص التعليم مدى الحياة.
ثامناً: الجدوى :
إن دور المكتبات الرقمية يتجاوز الدور الأساس والمهام التقليدية للمكتبة الورقية، ويفتح أمام المستفيدين آفاقاً جديدة، وذلك بالاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصالات والحصول على خدمات معلومات جديدة ومتطورة.
ولقد أحدثت المكتبة الرقمية تطوراً مذهلاً على صعيد:
1- تخزين البيانات (Data Storage )
2- استرجاع المعلومات (Information Retrieval                                         )
3- استعمال المعلومات (Data Usage) .
وأن هذه الطفرة التقنية التي تمر بها المكتبات قد غيرت الكثير من المفاهيم المتعلقة بخدمات المعلومات التي تقدمها  المكتبة، وقدمت فرصاً كبيرة لمد خدماتها خارج حدود جدرانها والتحول تدريجياً إلى الخدمة عن بعد. ويمكن تبيان جدوى إنشاء هذه المكتبات من خلال المميزات التالية(9):
1- توفر للمستفيد كماً غزيراً ومتنوعاً من البيانات والمعلومات.
2- تكون السيطرة على أوعية المعلومات الإلكترونية سهلة وأكثر دقة وفاعلية من حيث تخزين، وتنظيم، وتحديث البيانات والمعلومات، مما ينعكس على طبيعة الاسترجاع السهل والفوري للمعلومات.
3- الإفادة من إمكاناتها عند استخدام الباحث لبرمجيات متنوعة مثل : برمجيات معالجة النصوص، وبرمجيات الترجمة الآلية، وكذلك البرامج الإحصائية وغيرها.
4- حداثة المعلومات التي تشكل محتويات مقتنياتها.
5- تخطي حواجز المكان والزمان، فليس هناك حاجة لذهاب المستفيد إلى المكتبة والبحث والانتظار، فقد أصبح بإمكانه الحصول على المعلومات وهو جالس في منزله أو مكتبه الخاص.
6- إن هذا النمط من المكتبات لا يشغل حيزاً مكانياً كبيراً وواسعاً، بل يحتاج إلى مكان يتسع لعدد من الأجهزة والتقنيات ومعدات التوصيل والمنافذ الطرفية؛ لربط المستفيد بقواعد وشبكات المعلومات.
7- تمكّن من استخدام البريد الإلكتروني والاتصال بالزملاء في المهنة والباحثين الآخرين، وتبادل الرسائل والأفكار مع مجموعات الحوار والنقاش والمشاركة في المؤتمرات المرئية.
8- سهولة البحث في هذه المكتبات حيث يكون:
أ- طبيعياً وذكياً.
ب- سهلاً ومضموناً.
ج- يمكّن من الاتصال واقتناء المعلومات في أي وقت ومن أي مكان ولمجتمع هائل من المستفيدين.
9- انخفاض وقلة تكاليف إنتاج الوسائط الإلكترونية؛ لأنه من خلال وضع نسخة واحدة من هذه المواد في جهاز مركزي يمكن أن تكون متاحة لجميع المستفيدين.
10- تتميز المكتبات الرقمية كونها مؤسسات تتيح الوصول إلى أوعية المعلومات وبطرق مختلفة، أي أنها تقوم بما يعرف بالوصول إلى المعلومات Access to Information وهذا ما يميزها عن المكتبات التقليدية على اعتبارها مؤسسات تحتوي على أوعية المعلومات وتعنى باختزانها.
11- الوصول إلى معلومات قد لا تتوافر في المكتبة نفسها وإنما يتم الحصول عليها من خلال اتفاقيات التعاون مع المكتبات المشابهة، أو مع شبكات المكتبات والمعلومات.
12- المحافظة على مصادر المعلومات النادرة والسريعة التلف دون حجب الوصول إليها من جانب الراغبين في دراستها والاطلاع عليها.
13- عدم تقيدها بدوام المكتبة التقليدية؛ لأن خدماتها متاحة على مدار الساعة ودون توقف.
14- تضع المكتبة الرقمية بأيدي مستخدميها أدوات للتعامل مع المعلومات أكثر فاعلية من الأدوات التقليدية اليومية من حيث:
أ- التخزين والحفظ السريع والأرشفة والبحث.
ب- الفهرس الآلي الموحد.
ج- خدمات التكشيف والاستخلاص.
د- خدمات الإحاطة الجارية.
هـ- أدوات الخدمة المرجعية.
15- فتحت المكتبة الرقمية آفاقاً جديدة في التفاعل مع الآخرين ، حيث يمكن للقارئ مشاهدة تعليقات القراء الآخرين للكتاب نفسه، ومشاهدة تقييمهم لـه، وأحياناً الدخول في مناقشة حية معهم، أو من خلال تبادل الرسائل، واستخدام البريد الإلكتروني، والاتصال بالزملاء في المهنة والباحثين الآخرين.
16- بدلاً من إصدار نشرات الإحاطة الجارية شهرياً كما في المكتبات التقليدية، تستطيع المكتبة الرقمية إصدار هذه النشرات بشكل يومي من خلال موقعها على شبكة الإنترنت دون تحمل طباعة وتكاليف بريد.
17- تستطيع المكتبة الرقمية نشر كشافاتها ومستخلصاتها ونظم استرجاع المعلومات الخاصة بها من خلال موقعها على الإنترنت، ومن ثم يستطيع المستفيد أن يحصل على هذه المعلومات وهو في بيته أو مكتبه بكل سهولة ويسر.
18- ويرى إدوارد فوكس(10) Eduard A. Fox أن المكتبات الرقمية قلصت السلسلة من المؤلف إلى القارئ، حيث أصبح بإمكان المؤلفين إدخال موادهم ومؤلفاتهم وتقديمها كأرشيفات مفتوحة، كما أصبح باستطاعة قطاعات واسعة من المجتمع أن تشارك وتضيف جميع أنواع محتويات الوسائط المتعددة في المكتبة الرقمية؛ لسهولة عمليات التأليف والخلق وللمرونة والمتعة التي تتميز بها عروض هذا النمط من المكتبات.



Digital Library
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 



تاسعاً: مبنى المكتبـة الرقمية وتجهيزاتهـا:
من التأثيرات التي أحدثتها التقنيات الحديثة تعديل أثاث المكتب والمكتبة؛ لكي يتلاءم مع احتياجات المستفيدين والموظفين في هذا المحيط الإلكتروني ؛ لأن محيط العمل في المجتمع الورقي يختلف عن محيط العمل في المكتبات الإلكترونية، كما ستحدث مثل هذه التقنيات والمعدات تغيرات في إدارة المكتبات وخدماتها مثل تواجد أعداد كثيرة من أجهزة الحواسيب، مما سينتج عنه تقليص في حجم صالات المطالعة وتخصيص مساحة أكبر لمكاتب الموظفين والأجهزة والطرفيات والمعامل.
إن الحديث عن مباني المكتبات الإلكترونية يجب ألا يقتصر على المكتبيين فقط، بل ينبغي إشراك المهندسين ومصممّي المباني من ذوي الخبرة في هذا الميدان، أي لابد من وجود فريق عمل متكامل لإعداد تصاميم مناسبة لمبنى المكتبة الإلكترونية.
ويختلف التصميم من مكتبة لأخرى تبعاً لأهدافها ووظائفها وخدماتها وإجراءاتها واحتياجات المستفيدين ومع التأكيد على صعوبة وضع تصميم موحد لمبنى هذا النوع من المكتبات إلا أن مراعاة بعض الاعتبارات أثناء التصميم والبناء قد يساعد في إنشاء مبنى يتوافق مع أهداف المكتبة والمتغيرات التي تحكمها، وهذه الاعتبارات هي:
أ- اعتبارات مرونة وظائف المكتبة بما يسمح باستيعاب التقنيات والاحتياجات المستقبلية.
ب- اعتبارات خاصة بالتصميم الداخلي وبيئة العمل كالإضاءة والتهوية، والتكييف .. وغير ذلك.
ج- اعتبارات أمنية تكفل توفير نظام أمن وسلامة لمنع تسرب المقتنيات، الحرائق، والمخاطر الأخرى.
د- اعتبارات مالية لشراء الأجهزة والمعدات التي قد تتولد الحاجة إليها، ومن أجل صيانة الأجهزة الموجودة، وكذلك دفع تكاليف الاتصال والاشتراك في الشبكات.
هـ- ينبغي أن نضع في الحسبان مساحة مبنى المكتبة وخاصة إذا كانت لدى المكتبة طموحات للتوسع في المستقبل.
وهناك تصورات ووجهات نظر حول الشكل الذي يمكن أن تظهر به المكتبة، فعل سبيل المثال، يرى كينث داولين أنها ستكون عبارة عن مبنى ذكي يضم وحدات للبث السمعي والمرئي قادرة على إيصال خدمات المكتبة إلى منازل المواطنين.
وقد لا يكون لهذه المكتبات موقع أو مبنى محسوس وإنما موقع تقني على الشبكة ومجموعة من الخوادم، ويمكن للمستفيد أن يحصل على ما يريده من معلومات وخدمات دون أن تكون هناك ضرورة لحضوره إليها(11).
فالمطلوب كما يرى هشام عبدالله عباس مبان للمكتبات أكثر انسيابية وعملية، وتتصل بالعالم والمستفيد أينما كان، وهذا يعني أن مباني المكتبات ستشبه مطاعم الوجبات السريعة التي لا يحتاج فيها الفرد إلى دخول المبنى لكي يحصل على الخدمة المطلوبة، فهو يستطيع الحصول عليها وهو في عربته من خلال النافذة المخصصة لذلك أو توصيل الخدمة إلى المنازل Home Delivery(12).
ولكننا لو أردنا الاطلاع على مبنى لمكتبة إلكترونية موجودة فعلاً وليست مجرد تصورات وتنبؤات سنختار مبنى مكتبة جامعة ولاية كاليفورنيا التي تعد أول مكتبة إلكترونية صممت من البداية لكي تكون كذلك، فالمبنى الخاص بها عبارة عن دور واحد مستطيل يتفرع منه أربعة أجنحة، ويتسع كل جناح ليستوعب 100 طرفية، وقد زودت المكتبة بستائر خرسانية ثابتة وخشبية متحركة من أجل حماية شاشات الحواسيب من أشعة الشمس(13).
أما بالنسبة للتجهيزات والمعدات الخاصة بالمكتبات الرقمية، فتختلف وتتنوع من مكتبة إلى أخرى وفقاً لأهدافها وأنشطتها وخدماتها وطرق تقديم هذه الخدمات ونوعية الجمهور المستهدف.. وبشكل عام ينبغي توافر أجهزة الحواسيب، وطابعات، وكاميرات رقمية، وأقراص ليزرية ومرنة ورقمية، وأشرطة صوتية، وأجهزة تكييف، ومولدات كهربائية، وماسحات إلكترونية، وفيديو رقمي، وشاشات عرض، وغيرها. وخلاصة ما تقدم أن بناء المكتبات الرقمية فن يتطلب الكثير من المهارات الإنسانية والتكنولوجية المطلوبة التي تشمل التصاميم والتجهيزات وشبكات المعلومات وآليات الاتصال واختيار الاستشاريين والعاملين ومطوري البرامج والخدمات، وكل ما يتعلق بمكونات المكتبة الرقمية.
عاشراً: بناء المجموعات الرقمية:
إن من أهم متطلبات بناء المكتبة الرقمية هو بناء مجاميع رقمية وبحجم يمكن أن يجعلها ذات فائدة حقيقية، فالرقمنةDigitization  ما هي إلا عملية استنساخ راقية تقنياً تمكّن من تحويل الوثيقة مهما كان نوعها ووعاؤها إلى سلسلة حرفية رقمية أو إلى صورة .. ويواكب هذا العمل التقني عمل فكري ومكتبي من أجل فهرستها وجدولتها وتمثيل محتوى النص المرقم. ويمكن القول : إن هذه التكنولوجيا عبارة عن اختزال معلومات تتعلق بنص أو صورة أو صوت وما إليها، وتحويلها إلى رموز ثنائيــة تتكون من الرقم الثنائي
(الصفر والواحد)، ونتيجة لهذا التغيير ولظهور هذه المصادر يظهر لدينا ما يعرف بالمجتمع غير الورقي، وهو المجتمع الذي تكون جميع أوعية المعلومات فيه متوافرة على وسيط إلكتروني بدلاً من الوسيط الورقي(14).
إن عملية تكوين المجاميع الرقمية يدعو إلى وجود تنسيق جماعي لأسباب عدة منها(15):
أ- إن السعي إلى تجميع المعلومات الرقمية والعمل على ترقيم غير المرقم منها أمر يتطلب تحمل تكاليف باهظة إذا ما أريد تحقيق ذلك بشكل منفرد، لذا فإن العمل في إطار عدد من المعاهد والمراكز ذات الأهداف المماثلة أو المشتركة يحقق كسباً كبيراً على صعيد كفاءة الأداء، وتخفيض التكاليف  العامة لهذه الأنشطة.
ب- تخفيض التكاليف العرضية أو التي لاضرورة لها مثل تكاليف الحصول على المعلومات وعملية تحويلها أكثر من مرة.
ج- إن بناء المجموعة الرقمية كافة سيعزز عملية المشاركة في المعلومات ويغني المجاميع التي ستصبح سهلة في متناول المستفيد.
إلا أن المكتبات الرقمية تحتاج إلى تعامل معين وسياسة خاصة بالنسبة لبعض المجموعات، منها على سبيل المثال :
أ- المواد ذات السعة والقوة في مجاميعها Collection Strengths                      
هناك مكتبات تتمتع بقوة كبيرة في تخصيص مجاميعها وفي سعة هذه المجاميع، مما يجعل ترقيمها، أو ترقيم جزء منها أمراً مهمًّا، ومن ثم إضافة أعمال رقمية جديدة إليها.
ب- المجموعات المنفردة أو الوحيدة: Unique Collection .                                
توجد في بعض المكتبات نسخ منفردة لا نظير لها، وتقع مسؤولية الترقيم عليها.
ج- الأفضليات التي يحددها مجتمع المستفيدين The Priorities of user Communities
إن هذه الأفضليات من المجاميع في بعض المكتبات ومراكز المعلومات تبرر الاحتفاظ بها محلياً كالحاجة إليها مثلاً في موضوع المناهج الدراسية.
كما ينبغي الإشارة بهذا الصدد إلى أن بعض عمليات المسح الإلكتروني والرقمنة لأشكال المواد الكبيرة تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين في المكتبات التي تتميز بضخامة مقتنياتها.
ويسلط الشكل الآتي الضوء على تنوع محتويات المكتبة الرقمية التي تشتمل على النصوص، الصور، المواد السمعية البصرية، برامج الحاسوب، والرسوم وغير ذلك من المواد والتقنيات التي تحتاجها هذه المكتبات.


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

الشكل رقم (3) أشكال المحتويات الرقمية والأمثلة .


وفي هذا الصدد ينبغي الاهتمام بوضع سياسة لتنمية المقتنيات الإلكترونية، حيث تحتاج القرارات المتعلقة بإدارة وتنمية المقتنيات اهتماماً خاصاً، لذا يوصي بعض المتخصصين بتكامل مصادر المعلومات الإلكترونية ضمن خدمات ومجموعات المكتبة.
ولابد أن يتوافر للقائمين بالاختيار الخلفية العلمية والمكتبية بما في ذلك طرق الوصول والتوصيل للوثائق، كما يجب أن تكون لديهم إمكانية اختيار وتقييم البدائل (الحواسيب والبرامج) وهناك عنصر آخر مهم بالنسبة لمصادر المعلومات الإلكترونية وفاعلية الاختيار والإدارة وهو عنصر الميزانية التي ينبغي أن تكون منفصلة ومخصصة لهذه المصادر، والمهم بعد هذا كله أن على المكتبات الإلكترونية أن تؤدي دوراً فاعلاً ونشطاً في حفظ مصادر المعلومات الإلكترونية، وإذا لم تقم بهذا الدور فستختفي سريعاً الكثير من البيانات الرقمية. ولابد لهذه المكتبات في اختيارها لهذه المصادر أن تراعي عملية التوازن بين الحاجة والطلب اعتماداً على التخطيط والتقييم الجيد لمجموعاتها(17).
وتتنوع مصادر المعلومات الإلكترونية التي تحويها هذه المكتبات حسب التغطية والمعالجة الموضوعية، وحسب الجهات المسؤولة عنها، وحسب نوعية المعلومات وإتاحتها.
وتعد مصادر المعلومات الإلكترونية واحدة من أهم التطورات المؤثرة في المؤسسات المعلوماتية وخاصة بعد انتشار استخدام الإنترنت بين طبقات المجتمع المختلفة، وتشمل مصادر المعلومات الإلكترونية التي يمكن أن تقتنيها هذه المكتبات:
1- ملفات المعلومات الخاصة بالمجتمع.
2- أبحاث علمية وأوراق المحاضرات والمذكرات.
3- المعاجم اللغوية.
4- دوائر معارف إلكترونية متنوعة.
5- ملفات النصوص الكاملة.
6- خدمات التكشيف والاستخلاص.
7- قواعد البيانات الإلكترونية.
8- ملفات موسيقية.
9- الملفات الرقمية.
10- حزم وبرامجيات الوسائط المتعددة.
11- دوريات إلكترونية.
12- كتب إلكترونية.
وقد أشار تسنج وزملاؤه (Tesing etal) (18) إلى عدد من مصادر المعلومات المتوافرة عبر الإنترنت المفيدة لمهنة المكتبات والمعلومات ومنها:
1- أدلة موارد الإنترنت.
2- منتديات النقاش والمؤتمرات الإلكترونية.
3- الصحف والنشرات والمجلات الإلكترونية.
4- أرشفة النصوص الكاملة.
5- الأعمال المرجعية العامة.
6- أدلة استخدام الإنترنت ومواد التدريب.
7- برامج الحاسوب عبر الإنترنت ولجميع الأغراض (برامج مرسمّة ومجانية) .
ولابد من تبيان أهم المنافع التي تحصل عليها المكتبات ومراكز المعلومات من تجميع وتوفير هذه المصادر وهي(19):
1- إن التعامل مع هذه المصادر يؤمن الحصول على معلومات غزيرة في موضوعات متنوعة عبر البحث بالاتصال المباشر أو من خلال الأقراص الليزرية بمختلف أشكالها وقواعد البيانات المتاحة عبر الشبكات.
2- الاقتصاد في نفقات شراء الأوعية التقليدية وبكميات لا تتناسب مع احتياجات المستفيدين وكذلك التوفير في المبالغ التي تصرف على إجراءات التزويد وطلب المطبوعات وأجور الشحن والنقل والتجليد وسواها من الإجراءات.
3- استطاعت هذه المصادر والمواد أن تحل معضلة المكان وعدم استيعابه للمقتنيات من خلال المميزات الخاصة لمصادر المعلومات الإلكترونية كصغر حجمها، وطاقاتها التخزينية الكبيرة كما هو الحال بالنسبة للأقراص الليزرية المدمجة (CD- Rom) والأقراص الرقمية متعددة الأغراض(DVD) وغيرها.
4- الإمكانات التفاعلية والقدرة على البحث في قواعد عدة للربط الموضوعي وفتح آفاق واسعة أمام المستفيدين في الحصول على ينابيع المعرفة.
5- شعور الباحثين بالرضا بسبب إمكانية البحث المتنوعة والدقة والسرعة في استرجاع المعلومات والإفادة منها لمختلف الأغراض والاحتياجات.
6- توفير البدائل المطروحة أمام المكتبات ومراكز المعلومات لمصادر المعلومات وقواعد البيانات المتاحة عبر منافذ شتى وتقنيات متنوعة في الحصول على المعلومات وتقديم أفضل الخدمات.
7- المحافظة على سرية الوثائق والمعلومات التي أصبحت عرضة للتلف بفعل الكوارث والتآكل وكثرة الاستخدام.
8- غيرّت هذه المصادر طبيعة عمل ووظيفة أمين المراجع وحولته إلى اختصاصي معلومات، واستشاري معلومات، فضلاً عن التغيير في الخدمات التي تقدمها هذه المكتبات، مما عزّز الانطباع لدى جمهور المستفيدين عن دور وجدوى هذه المؤسسات والخدمات التي تقدمها.
حادي عشـر: مؤهلات أمين المكتبة الرقمية ومهامه الأساسية:
إن عملية التحول من شكل المكتبة التقليدية إلى المكتبة الإلكترونية أو الرقمية أضفى أبعاداً كثيرة على هذه المؤسسات، وأبرز تحولاً في طبيعة شكل هذه المكتبة والمدى الذي تصل فيه خدماتها والإجراءات التي تحتاج القيام بها لتكون مكتبة عصرية يستفيد منها الجميع. فظهور التكنولوجيات الجديدة ولّد لدى المستفيدين احتياجات جديدة، نتيجة لاستعمالات جديدة، وأضفى تغيراً على الهياكل التنظيمية في بيئة المكتبات الإلكترونية، مما أدى إلى بروز ممارسات مهنية جديدة، بل إن الاختصاصيين الذي يعملون بهذه المكتبة ويقدمون خدماتها تطوروا وتغيروا كثيراً وأصبحت لهم مواصفات لم تكن موجودة من قبل، وإن المتابع المستفيد من هذه الخدمات يلاحظ مدى التطور الذي حدث على هذه الهياكل.
وقد حدثت هذه التغيرات والتطورات على مستويات عدة منها:
أ- على المستوى الإداري ظهرت مسميات وظيفية جديدة لم تكن في الحسبان، مثل مدير موقع المكتبة على الإنترنت، ومسؤول الخدمات المرجعية الرقمية، ومفهرس المواقع وغيرها من المسميات التي صاحبها توصيف وظيفي جديد.
ب- وعلى المستوى التقني، أصبحت المكتبة عبارة عن مجموعة من أجهزة الحاسبات والخدمات، وشبكة داخلية، موصولة بالعالم الخارجي، ومصادر معلومات إلكترونية وغيرها من المواد والأدوات التي غيرت في فكر وأسلوب العمل في المكتبة.
ج- وعلى المستوى الفني، تحولت أغلب العمليات في المكتبات إلى التعامل بأسلوب الفهرسة الآلية، والتعامل بكل الأشكال والأدوات الفنية التي تقع في شكل رقمي.
وإن العمل على رقمنة الوثائق وتطوير الشبكات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية في الدول المتقدمة، فتح آفاقاً جديدة تتعلق بالتيسير الكلي والمتكامل للمعلومات والوثائق، فكلما تطورت التكنولوجيات ازدادت الحاجة إلى مهني الوثائق والمعلومات.
وتقتضي طبيعة العمل في هذا النوع من المكتبات توافر مجموعة من المديرين والمصممين والفنيين وهم:
1- مدير الخدمات المكتبية.
2- مدير قواعد البيانات.
3- مساعد مدير المجموعات الرقمية والمجموعات الخاصة.
4- مصمم موقع المكتبة الإلكترونية.
5- فني المكتبة الرقمية.
6- مسؤول إدخال البيانات.
لقد تغيرت مهام ووظائف أمين المكتبة الإلكترونية من أداء الوظائف التقليدية إلى مهام استشاري معلومات، ومدير معلومات وموجه أبحاث، ووسيط معلومات، للقيام بعمليات معالجة وتفسير وترجمة وتحليل المعلومات، وإتقان مهارات الاتصال للإجابة على أسئلة المستفيدين، وكذلك الارتباط ببنوك وشبكات المعلومات وممارسة تدريب المستفيدين على استخدام النظم والشبكات المتطورة، وتسهيل مهمات الباحثين..
ولهذا تظل الحاجة قائمة إلى أمين المكتبة الرقمي، لإدارة نظم معلومات المكتبة الرقمية، وتنظيم المعلومات الرقمية، وتقديم خدمات معلومات متطورة، وإتاحة عالمية للمعرفة الرقمية واسترجاعها. وهناك أساليب فنية متنوعة لاسترجاع البيانات، والنصوص المتكاملة .. ويصور الشكل رقم (4) الأدوات التي يحتاجها أمين المكتبة في عمليات البحث والخزن والتنظيم والتصفح والملاحظة وبث المعلومات الرقمية كالفاكس والبريد الإلكتروني والملفات الإلكترونية، والوسائط المتعددة، والشبكة العنكبوتية، وأدوات النشر الإلكتروني، والفهارس الإلكترونية؛ مما يسهل الوصول إلى المعلومات الرقمية واسترجاعها ووضعها بين أيدي من يحتاجها من المستفيدين(20).
 
 
 


 

المكتبـي الرقمـي,تسليم المعرفة
استرجاع المعرفة,أسئلة المستفيدين
التغذية العكسية للمستفيد,صياغــات الأسئلـة
لغة أسئلـة المستفيـد,أدوات الوصول في المكتبة الرقميـة
وظائــف الواجهــات,نظـام المعلومـات الرقميـة
خـزن المعلومـات الرقميـة
مصـادر المعلومات الرقميـة,تسليم المعلومات/ المعرفة,المستفيــد,الوثائق الرقمية,البريد الإلكتروني,الملفات الإلكترونية,الفاكـس,أدوات النشر الإلكتروني,الوسائط المتعددة,الطباعــة
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

الشكل رقم (4) أدوات الوصول إلى المعلومات الرقمية واسترجاعها ودور أمين المكتبة في هذا المجال.


 ويعتقد كينيث داولين أن الأدوار التي يقوم بها أمين المكتبة الإلكترونية تتمثل في الآتي(21):
أ- تقديم قيمة مضافة للبيانات والمعلومات والمعارف وذلك من خلال تجميعها وتخزينها واسترجاعها ضمن إطار يضمن ويدعم الوصول إليها والمحافظة عليها، وهذا كله لا يتأتى إلا من خلال اتحاد قدرات المكتبي مع تقنيات المعلومات، مما يقود بالتالي إلى إمداد المجتمع بإمكانات قوية ونافعة.
ب- يمكن أن يقوم المكتبي في ظل هذه المكتبات بدور "الحاجب" الذي يتحكم في تدفق المعلومات للمستفيدين. ولابد لهذا الحاجب وما يملك من سلطات ومؤثرات أن يؤثر في المستفيدين من خلال كمية المعلومات المسموح بتدفقها، حيث لا تؤثر على بقية الاستفسارات التي تصل إلى المكتبة وكذلك كي لا يجد المستفيد نفسه مثقلاً بالمعلومات التي قد يكتفي منها بالقدر المطلوب والمناسب.
ج- يقوم المكتبي أيضاً بدور "المرشد" إلى المعلومات، وقد كان يمارس دوره هذا بالنسبة لمصادر المعلومات وليس للمعلومات، وفي هذا المجال ينبغي أن يعكس خبراته وحبه لإمداد المستفيدين بالمعلومات التي تلبي رغباتهم واحتياجاتهم المتنوعة.
وقد صنف بنسون(22)Benson أنشطة المكتبات ومهام اختصاصي المكتبات والمعلومات في عصر الإنترنت تحت المهام الآتية:
أ- توفير الوصول إلى الإنترنت:
يمكن أن توفر المكتبة اتصالاً بالإنترنت للذين لا تمكنهم ظروفهم المادية من الحصول على الخدمة، أو تقديم المساعدة إلى الذين يحتاجون شراء أو تجريب بعض الأجهزة والبرامج.
ب- استكشاف المعلومات:
إن معظم المعلومات المتاحة عبر الإنترنت في الوقت الحاضر غير منظمة وتحتاج إلى مهارة خاصة للوصول إليها واسترجاعها؛ لذا ينهض اختصاصيو المكتبات والمعلومات بمساعدة المستفيدين للوصول إلى مختلف المصادر والأخبار والمعلومات المتاحة بسهولة.
ج- التعليم والتثقيف:
ينبغي أن يكون اختصاصيو المكتبات والمعلومات على جانب كبير من الإعداد والتأهيل للقيام بوظيفة المعلم وإكساب المستفيدين مهارات استرجاع المعلومات واستخدام الشبكة بكفاءة.
د- النشــر:
 يستطيع أمناء المكتبات والمعلومات تصميم مواقع على الشبكة لنشر المعلومات التي تهم قطاع المستفيدين حول مختلف الخدمات والبرامج والمسابقات ونشر القصص الفائزة وغير ذلك.
هـ- دور الوسيط:
يقوم اختصاصيو المعلومات في هذا الجانب بإجراء بعض العمليات وتقديم المساعدة في إجراءات البحث المتقدم أو تنزيل البرامج أو المساعدة في تعديل الإستراتيجيات.
د- تقييم المعلومات:
يستطيع أمناء المكتبات والمعلومات مساعدة المستفيدين في تقييم المعلومات المنشورة في الإنترنت حسب المعايير المعروفة وانتقاء ما هو مفضل ونافع في مختلف المجالات والاتجاهات.
ز- تنظيم المعلومات:
يؤدي المتخصّصون في هذا المجال دورهم بفهرسة وتكشيف أوعية المعلومات التي تقتنيها المكتبة أو ما هو متاح عبر الإنترنت.
ح- تقديم المشورة:
يقدم خبراء المكتبات والمعلومات المشورة لمختلف الجهات والمؤسسات حول مختلف القضايا المتعلقة بخدمات المعلومات والإنترنت وغير ذلك.
ومن خلال ذلك نرى أن التطورات التي حدثت وتحدث في التكنولوجيا والطرق الإبداعية في تطبيق هذه التقنيات الجديدة تحتم على المكتبيين مواصلة تأهيلهم خلال سنوات الخدمة، وقد أصبح التعليم المستمر لزاماً وذا أهمية في جميع فروع النشاطات الإنسانية. فالجامعات، والمكتبات الوطنية، والجمعيات المهنية، والمنظمات الدولية تقع على عاتقها مسؤولية وضع المواد الدراسية، وإقامة الدورات التطبيقية، والمؤتمرات، والندوات، بغرض مواكبة التطورات العلمية في إيصال ونقل ومعالجة المعلومات، واستخدام الطرق والأساليب المتطورة في تطبيق التقنية، وتقديم أفضل الخدمات لشرائح المستفيدين المختلفة.
إن مناهج علم المكتبات والمعلومات تغيرت ولكن هذا التغير يتحرك بطيئاً، وكما قال لانكستر إننا إذا لم نقم بذلك، فإن مهنة المكتبات سوف تزاح وتحل محلها مهن أخرى أكثر حركية وفعالية، ولكن المهنة يجب ألا تموت ومستقبلها يعتمد علينا، ولذلك لابد أن نرتقي؛ لنكون على مستوى المشكلة والتحدي.
وإذا كان واقعنا المكتبات والمعلومات والتأهيل المكتبي وبرامج الخدمة المكتبية تنوء بمشكلات جمة في الوطن العربي، فإن هذا لا يعني أننا سنبقى نندب حظ واقعنا ونرى أن التخلف سيظل محتوماً، فذلك أبعد عن الواقع، وتلك مقولة خاطئة؛ لأن لدينا الإمكانات والعناصر التي يمكن تطويرها وتدريبها لتكون مؤهلة لإدارة وتنظيم شبكات المعلومات في الأقطار العربية، وهناك أيضاً هذا التوجه إلى إدخال التكنولوجيا وحوسبة أعمال المكتبات وفتح أقسام جديدة في الكثير من الجامعات لإدارة المكتبات ونظم المعلومات، فضلاً عن اهتمام بعض الأقطار العربية ببرامج الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه في هذه المجالات الحيوية لتطوير مهنة المكتبات واختصاصي المعلومات(23).
إن تطوير مهنة المكتبات في الاتجاه الصحيح يكون بتخريج مكتبيين مؤهلين للعمل الإداري .. مع تدعيم وتعميق للعمل العلمي المتخصص للتعامل مع النصوص الإلكترونية وشبكات المعلومات، فضلاً عن:
أ- متابعة أوضاع الخريجين في مؤسساتهم.
ب- دراسة احتياجات السوق.
ج- رصد التطورات الحاصلة في قطاع المعلومات.
د- تحديد احتياجات مرافق المعلومات وما يناسبها من مؤهلات وقدرات ومهارات.
هـ- إحداث برامج لتنمية القوى العاملة في مراكز المعلومات.
ثاني عشر: خدمات المكتبة الرقمية:
تواجه دول العالم المختلفة تحدي التأثيرات المختلفة لتقنيات المعلومات والاتصالات، حيث نشهد الآن قفزات هائلة في مجال المعلومات وتقنياتها الحديثة وكذلك في مجال الشبكات المتطورة ومنها الإنترنت التي جعلت خدمات المكتبات الرقمية أسرع وأكثر كفاءة في مختلف المجالات والموضوعات لعموم فئات المجتمع، ومن بين الخدمات التي تقدمها المكتبات الرقمية(24):
1- المشاركة في تحليل ومعالجة المعلومات الرقمية وبشكل خاص عند التعامل مع النصوص فإن هناك حاجة لأنواع مختلفة من التحليل بسبب المشكلات الخاصة بالتحكم بالمصطلحات المحددة، وفي هذا المجال ربما يكون استخدام المكانز مفيداً لاسترجاع محتويات الوسائط المتعددة.
2- طالما أن المستفيدين الذين يستخدمون المكتبات الرقمية تكون لهم في الغالب احتياجات فريدة، لذا يكون هناك نوع مهم وقيم من الخدمات يقدم من جانب هذه المكتبات يتعلق بالخصوصية، وبناء ملفات خاصة برغبة المستفيد، حيث يتم إعلام هؤلاء المستفيدين بالموضوعات الحديثة ذات الاهتمام والمتوافرة في قاعدة معلومات المكتبة.
3- خدمة البحث عن المعلومات واسترجاعها من جانب أمناء المكتبة الرقمية، وجميع هذه المكتبات تقدم هذه الخدمة عبر الأسئلة المباشرة ومن خلال الأشكال المعروضة، فمشروع ذاكرة أمريكا على سبيل المثال، الذي يعدّ أحد المشروعات المطورة بشكل متقن يقدم خدمات البحث المباشر عبر المجموعات المتكاملة أو المختارة للمستفيدين، ويتم ذلك من خلال البحث في الفهارس والببليوجرافيات وقواعد البيانات الإلكترونية.
4- الخدمة المرجعية والإجابة عن الاستفسارات عبر مختلف القنوات والوسائل لأنواع مختلفة وخلفيات متباينة في احتياجاتها المعلوماتية من جمهور المستفيدين.
5- خدمات تدريب المستفيدين من خلال الجولات والبرامج التعليمية باستثمار مختلف تقنيات المعلومات والمواد الإرشادية والتوضيحية من المواد السمعية البصرية والنشرات والكتيبات والأدلة، وسواها.
6- خدمات الإحاطة الجارية والبث الانتقائي للمعلومات، وتنهض بتقديم مثل هذه الخدمات أنواع مختلفة من المكتبات الجامعية والعامة والمتخصصة .. فعلى سبيل المثال، تشرك مكتبة جامعة كاليفورنيا المستفيدين في الخدمات المعلنة، والبريد الإلكتروني للاطلاع على المعلومات والأخبار والمستجدات في مختلف القضايا والموضوعات، وهناك خدمات أخرى تقدمها مكتبات رقمية تتضمن التطورات حول آفاق المعلومات الشخصية وما يتصل بخبرات الأفراد المبنية على المعرفة وسلوكهم في الماضي، والمواد التي يفضلونها، وتكنولوجيا الارتباط بهم ومعرفة احتياجاتهم، وهذه واحدة من الخدمات البحثية لمشروعات المكتبات الرقمية في المعاهد والجامعات، مثل جامعة كورنيل التي ستقدم مثل هذه الخدمات في المستقبل القريب.
7- دعم العملية التعليمية وواجبات الطلاب من خلال بعض مراكز المكتبة الرقمية التي تقدم خدمات رقمية مختارة مجاناً وبشكل خاص بالنسبة للمواد غير النصية.
8- الخدمات الاستشارية التي تحتاجها المنظمات والمؤسسات والمكتبات بأنواعها المختلفة، ويسهم فيها خبراء في مختلف ميادين وحقول العمل المكتبي والمعلوماتي.
9- يسهم هذا النمط من المكتبات بدعم عملية اكتشاف الانتحال أو التزوير، وهناك بعض الأنظمة مثل (Scam) Stanford Copy Analysis Mechanism  لاكتشاف النسخ أو التقليد أو التزوير بين الوثائق الرقمية. وفي هذا المجال تسهم بعض الحواسيب المتطورة بإمكاناتها في تقديم المساعدة في هذه العملية وتسمح بمزيد من التحكم لحل مشكلات هذه الوثائق والنصوص.
وقدم بعض المتخصصين ومنهم ديفيد باربر David Barber  عرضاً لحقيقة محتويات المكتبة الرقمية والخدمات التي تقدمها مثل خدمات البنية التحتية، وخدمات الأمن، والبث الانتقائي للمعلومات، والغرامات، وخدمات الاتصالات، وخدمات التسليم وتوصيل الوثائق والمعلومات، وتصميم ملفات خاصة بالمستفيدين(25).
ثالث عشر: تجارب المكتبة الرقمية ومشروعاتها :
يمكن القول : إن فكرة المكتبة الرقمية ليست وليدة عقد التسعينات، بل كانت نتيجة تراكم جهود عدد كبير من العلماء والرواد في هذا الميدان، فضلاً عن جهود وتجارب أنواع مختلفة من المكتبات في حوسبة أعمالها وإجراءاتها المكتبية وظهور الكثير من المشروعات التعاونية التي قادت إلى انبثاق شبكات المعلومات المحوسبة الوطنية والإقليمية والعالمية؛ إلا أن البداية الحقيقية تعود إلى التسعينات من القرن الماضي حين أخذت المكتبات تتجه إلى التحول من الأنماط التقليدية إلى ما يعرف اليوم بالمكتبات الإلكترونية أو الرقمية، ومن هذه المحاولات مشروع مكتبة (Mercury) في جامعة كارينجي ميلون Carnegie Mellon University's Project Mercury  (89-1992م).
ومشروع كور Core في جامعة كورنيل، وكان مشروعاً مشتركاً بين (Bellcore) وجامعة كورنيل، وشبكة OCLC، والجمعية الكيميائية الأمريكية، وقد بدأ العمل به منذ مطلع التسعينات، وقد تم تحويل عشرين دورية إلى الشكل الإلكتروني باستخدام تقنية المسح الإلكتــروني للصــور والنصــوص وباستـخــدام لغــة(SGML) لبناء النصوص المتكاملة لاسترجاع المعلومات، والعرض السريع على شاشات الحواسيب(26).
وفي عام 1994م قدمت أقسام علوم الحاسوب التابعة للمؤسسة الوطنية للعلوم NSF الأمريكية ووكالة مشروع البحث المتقدم في وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الفضاء الأمريكية NASA دعماً مادياً لستة مشروعات مدتها أربع سنوات ذات علاقة بالمكتبات الرقمية، وأول هذه المشروعات كان في جامعة كاليفورنيا في بيركلي حيث تم بناء مجموعة وثائق حول ولاية كاليفورنيا اشتملت على الخرائط والصور والتقارير الحكومية، أما مشروع جامعة كاليفورنيا في مدينة سانتا بربرا فتركز على الخرائط والمعلومات الفضائية. وقد بنت جامعة كارينجي ميلون مكتبة من الفيديو سميت Infomedia، وعملت جامعة الينويز مع الناشرين لبناء مكتبة فيدرالية من الدوريات العلمية حول العلوم والهندسة، وانصب مشروع جامعة ميشغان على بناء مجموعة مكتبية رقمية طورت في مكتبات الجامعة، وأخيراً ركزت جامعة ستانفورد على أدبيات علوم الحاسوب(27).
وقد ظهر عدد من مشروعات هذه المكتبات في الولايات المتحدة الأمريكية (مكتبات جامعية، متخصصة، وطنية) بدعم وتمويل من جهات مختلفة مثل الوكالات الحكومية الفيدرالية ومؤسسات تعليمية بالإضافة إلى مؤسسات وشركات خاصة ورجال أعمال، ثم بعد ذلك توالت مشروعات المكتبات الرقمية وتجاوزت حدود الولايات المتحدة وبريطانيا لتصل إلى بعض دول آسيا وأستراليا.
وفي هذا المجال يمكن الاستشهاد بالمشروع الرائد الذي تبنته مكتبة الكونغرس والذي يعرف باسم (المكتبة الرقمية) وقد بدأ التفكير به فعلياً في 21 أكتوبر عام 1994م، حيث اجتمع ممثلون من جمعية المكتبات البحثية (ARL) Association of Research Libraries ومكتبة الكونغرس وعدد من الهيئات العاملة في مجال تكنولوجيا الحواسيب بهدف وضع دراسة جدوى وخطوط عريضة وخطوات لتنفيذ هذا المشروع، وكانت أولى الخطوات وضع الأهداف المحددة الآتية له:
1- تسجيل الوثائق الجديدة وإعادة تسجيل الوثائق الحالية وفق النظام الرقمي بشكل متواز لأغراض حفظ وصيانة الأوعية وإتاحتها.
2- وضع الضوابط الخاصة بحماية حقوق النشر في ظل النظام الجديد.
3- تطوير المعلومات الببليوجرافية بواسطة الفهرسة الإلكترونية وإتاحتها كخدمة على الخط المباشر.
وقد وضعت خطة عمل لهذا المشروع تسير وفق ثلاثة محاور . يدور المحور الأول حول إثراء الشبكات القائمة من خلال قيام مكتبة الكونغرس بتغذية شبكة الإنترنت وما تضمه من شبكات لأكثر من (40) مليون تسجيلة ببليوجرافية، بالإضافة إلى نماذج من الصور والنصوص .. وفي المحور الثاني تم الاعتماد بشكل أساس على ما يعرف باسم "مشروع ذاكرة أمريكا" الذي يهدف إلى تجميع الوثائق التي تحمل بين طياتها تاريخ أمريكا لتحويلها إلى شكل رقمي، في حين خطط في المحور الثالث أن تؤدي مكتبة الكونغرس دوراً أساسياً في إثراء البنية الأساسية لنظم المعلومات المتاحة في المكتبات الأخرى المتصلة بها عبر الطرق السريعة للمعلومات(28).
وخلال المدة (1996-2000م) قدر الخبراء  الميزانية لهذا المشروع الأكبر (60) مليون دولار. وكان للمكتبة مشروعات سابقة أيضاً عام (1984م) عندما أعلن " ويليام ويلش" أنهم يقومون حالياً بتجربتين لإنقاذ عدة ملايين من المجلدات الورقية التي ستقضي عليها الحموضة الزائدة بتكنولوجيا التفريغ الهوائي مع إشباع تلك المجلدات في أثناء التفريغ بغاز(DEZ) .. وثاني التجربتين هي استخدام الأقراص المليزرة، وبدأت المكتبة فعلاً منذ عام 1984م تنقل إلى هذه المليزرات مجموعات كبيرة من الأوعية الورقية لأغراض متعددة من بينها مواجهة التضخم في حجم المقتنيات، وإنقاذ الأوعية المهددة بالتآكل والزوال، والمحافظة على الأوعية الأصول من أخطار التداول اليومي، والإسراع في تقديم خدمات الإعارة والبحث. كما أعلن " مكتب حقوق النشر" في مكتبة الكونغرس أنه قضى ثلاث سنوات كاملة (فبراير 1993-فبراير1996م) في التجهيز المبدئي لمشروع تحسيب جديد يستند في تكوينه الأساس على تكنولوجيا الليزرة ، وقد وضع نظاماً خاصاً للمعلومات باسم (نظام مكتب حقوق النشر للتدوين والتسجيل والإيداع CORDS وهو مشروع متعدد الجوانب والمراحل التي قد يدخل بعضها في القرن الحادي والعشرين(29).
وفي أبريل عام 2000م دخلت هندسة المكتبة الرقمية الصينية إلى مرحلة التشغيل بصورة مخططة ومنتظمة وعلمية، ويجري الآن تخطيط مشروع تنفيذها، إضافة إلى البحث والدراسات حول ضبط وتطبيق المقاييس المتعلقة بالمكتبة الرقمية وبناء مصادر المعلومات الضخمة وموضوع تسوية الملكية الفكرية والتقنيات المهمة في بنائها(30).
ومن التجارب الأخرى يمكن الإشارة إلى شبكــة المكتبـــات الـمحـــوسبـــة علــى الخط المباشر (OCLC) في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقدم خدماتها لأكثر من (22.000)    مكتبة في (36) بلدًا، وقد وصلت القيود أو التسجيلات (Records) المحوسبة فيها إلى (30) مليون تسجيلة، وتوجد كذلك شبكة معلومات المكتبات البحثية المعروفة باسم (RLIN) وتوفر حوالي (30) مليون تسجيلة، وتقدم خدمات الفهرسة والتــزويــد والإعارة المتبــادلــة علــى الخط المبــاشر (Online) بين المكتبات ومراكز المعلومات المشاركة.
ومن المشروعات الأخرى مشروع جامعة بتسبرغ الخاص بنظام مكتبة الجامعة (ULS) في بناء المجموعات الرقمية وترميزها باستخدام لغة (SGML) منذ عام 1997م بهدف تطوير مشروع مكتبة رقمية واقعية. وقد تم الاعتماد على مجاميع عمل من المفهرسين والمصنفين والموثقين والفنيين ومنحهم التفرغ التام للعمل، إضافة إلى الاعتماد على بعض خبراء المكتبات الرقمية في تطبيق استخدام معايير موحدة في هذا المجال. فعلماء الحواسيب يحسنون الإمكانات بالإضافة إلى حدود التكنولوجيا، وعموماً هم يبنون النظام، أما أمناء المكتبات والمعلومات فهم يضيفون الفهارس والكشافات والأرشيف وتجميع المادة العلمية، وتفهم احتياجات المستفيدين المعلوماتية وضمان الاستخدام والإتاحة المستمرة للمعلومات. وبالرغم من أن نتائج ثمار هذا المشروع كانت أكثر مما هو متوقع فإن تقييماً جاداً لاستخدام مجموعات النصوص المتكاملة سيكون هو الخطوة المهمة المستقبلية للارتقاء بواقع العمل وإضفاء المزيد من النجاح لمثل هذا المشروع التاريخي (31).
وفي بريطانيا هناك شبكة خدمات المعلومات للمكتبات البريطانية المحوسبة (BLAISE) والشبكة الأكاديمية المشتركة (JANET) وهي شبكة معلومات بحثية محوسبة تؤمن الاتصال وتبادل المعلومات لما يزيد على مائة جامعة ومؤسسة تطبيقية وبحثية عبر (1000)  حاسوب مرتبط بها، وقد أنشئت عام 1984م(32).
وفي البرازيل من التجارب التي تستحق الاهتمام، قضية النشر العلمي الإلكتروني الذي طور ليشمل دول وسط أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي، ويمثل المشروع نموذجاً رائداً للعمل الجماعي في دول العالم الثالث، وقد أطلق على المشروع اسم "المكتبة العلمية الإلكترونية على الخط المباشر" وقد قامت بهذا العمل جهات عدة منها من لديها خبرات في النشر الإلكتروني، ومنها ناشرون وأفراد مهتمون، وغيرهم، وهناك عدة دول في المنطقة تبنت هذا النموذج البرازيلي ومنها شيلي، وكولومبيا، وكوبا، وفنزويلا، وغيرها(33).
وفي اليابان تتجه التحضيرات لإعداد الفهرس الوطني الموحد، وهناك تجارب متنوعة للمواد الأولية في مكتبة دايت الوطنية (Diet Library).. ومن بين هذه التجارب التي استخدمت في رقمنة مصادر المعلومات هي (7100) قطعة من المواد النــادرة القيمة بألــوان ذات تصاميم عالية الجودة و(21.000) كتاب في العلوم الاجتماعية نشرت خلال المدة (1868-1912م) و (3000) كتاب طبعت خلال الحرب العالمية الأولى و (20) مادة من المسلسلات بمجموع (800.000 صفحة) و (260) مجلـــداً مـــن المواد البحثيـــة لمكتبـــة دايت الــوطنيـــة و( 7000 ) وثيقــــة في التــــــــاريـــــخ الســيــــــاســـــي ، و(1.600.000) صفحة من أعمال مؤتمرات مكتبة دايت(34).
ومن المكتبات الأخرى مكتبة جامعة دركسل Drexel University Library وتجربتها في الاشتراك بما يقرب من (5000) دورية إلكترونية عبر اتفاقيات مع (47) مجهزاً. وقد تبين لهذه المكتبة أن التحول من الدوريات الورقية إلى الإلكترونية قد وفر لها في عدد الموظفين التقليديين، وقلص تقليصًا واسعًا في مساحات الخدمة والحفظ، وأظهر انخفاضًا في عملية ترفيف الدوريات، كما ظهر بشكل واضح ارتفاع في خدمة تدريب المستفيدين للتعامل مع الدوريات الإلكترونية، فضلاً عن تغيير طبيعة وظيفة المكتبي التقليدية وذلك باستحداث وظائف بعنوان : مكتبي موارد معلومات إلكترونية (Electronic Resources Librarian)(35).
رابع عشر: مستقبل المكتبات الرقمية:
نظراً للمميزات المتفردة للمكتبات الرقمية، وطبيعة محتوياتها، ومجموعاتها وتصميمها وبنائها المعماري، وتنظيم مصادرها الرقمية، ومرونة عرض خدماتها باستخدام نظم الاسترجاع الكفوءة، وتقنيات النص المترابط، والوسائط المتعددة، وديناميكية الأنشطة والتسهيلات التي تقدمها لمختلف فئات المستفيدين، فإن دورها سيكبر وانتشارها يتعاظم، وأن الكثير من هذه المكتبات سيكون لها أقسام وبرامج خاصة بها واتحادات ترعى وجودها وتطورها ومشروعاتها الحالية والمستقبلية، وستكون هناك تطبيقات متنوعة لاسترجاع المعلومات، النصوص المترابطة، النشر الإلكتروني، وانتشار لعمليات الأتمتة، ورقمنة مصادر المعلومات، والذكاء الاصطناعي، وموضوعات التداخل الآلي البشري، وحقول أخرى جديدة، وبذلك سنقترب باتجاه رؤية مبكرة لنظم المعلومات الكونية.
ومع كل هذه المتغيرات والتطورات، فإن هناك بعض التحديات والمعوقات التي تبقى لحين التمكن من إيجاد المعالجات الصائبة لها وتوافر البدائل المنطقية، ومن ثم فإن ما نحتاجه أولاً البحث عن نظريات موحدة وشاملة في حقل المكتبات الرقمية، وثانياً الحاجة إلى طرق بحث واضحة للوصول إلى التخصيص، والتطوير، وتنقية وتفعيل أنشطة المكتبات الرقمية بما يخدم مجتمع المستفيدين، فضلاً عن ذلك تظل الحاجة إلى دليل إرشادي لإدارة هذا النمط العصري من المكتبات(36):
1- يوازن الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية.
2- يجاري وينظم التقدم في مجال التقنيات والمواصفات أو المعايير الموحدة.
3- يراعي الدورة المتكاملة لحياة المعلومات.
4- يغطي مدى واسعاً من أشكال وأنواع المحتويات المبتكرة.
5- يتضمن وجهات النظر المختلفة المتعلقة بالمكتبات الرقمية.
6- يعنى بتقييم أدوات المكتبة الرقمية من الطرق والممارسات والاتجاهات والإستراتيجيات والمبادرات الخاصة بتقييم احتياجاتها والأبحاث التي تسهم في تطورها.
إن التطورات المتلاحقة في مجال النشر الإلكتروني قد انعكست على نظام المكتبات ووظائفها ومبانيها وتجهيزاتها وخدماتها، وأصبح لمختلف أنواع المكتبات في عصر مجتمع المعلومات دور فاعل في تحسين العبور إلى مصادر المعلومات الإلكترونية والشبكات، ووضع المعارف الجديدة في جميع حقول المعرفة تحت تصرف الباحثين عبر مختلف القنوات الإلكترونية.
ولقد تغيرت السلسلة التقليدية الموجودة بين المؤلف والمنتج والناشر والتاجر والمكتبة من خلال المعالجة الآلية للمعلومات في مجال النشر، والحصول الفوري المباشر للمعلومات ومختلف الاحتياجات.
وأصبحنا أمام ظهور نماذج جديدة من الوسائط المتعددة تواكب التطور وتلبية الرغبات والاحتياجات المعلوماتية، بما يجعلنا نتوقع أنها ستصبح خلال السنوات القليلة القادمة جزءاً لا يتجزأ من المؤسسات العليا الرقمية وتدعم بالتالي مسيرة النشر الرقمي، كما أن سوق البرمجيات يقدم في الوقت الحاضر مؤلفات تعليمية رقمية بصورة تبادلية للأساتذة والطلبة بما يتوافق مع احتياجاتهم، وبما يمكنهم من الاطلاع على الإنتاج الفكري المتنوع في مجال تخصصاتهم.
 ومن خلال الارتباط بالوسائل الإلكترونية الحديثة أصبحت مراكز المكتبات المترابطة أمام وظائف جديدة مدركة بأن التعاون القوي فيما بينها والعمل المشترك هو الطريق الأفضل لتقديم خدمات متميزة وتحقيق رضا المستفيدين وأصبح هذا التعاون مطلوباً بينها وبين الناشرين وسائر المؤسسات والهيئات الأخرى، وقد قامت بهذا التعاون، على سبيل المثال، جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية بإنشائها المكتبة الرقمية المبتكرة بالتعاون مع ثلاث جهات كبرى عارضة للدوريات، بهدف تطوير أرشيف خاص بالدوريات الإلكترونية، وقد تم التمكن من أرشفة حوالي (1000) دورية إلكترونية لناشرين متعددين في مختلف المجالات.
وحول توقعات المستقبل ترى المكتبية الألمانية أليس كيلر Alice Keller أن عالم المعلومات سيكون عند عام (2010م) على النحو الآتي(37):
1- إن جميع المعلومات الببليوجرافية عن الوثائق والفهارس وما في حكمها ستكون إلكترونية.
2- إن جميع العروض في المنازل، وخدمات الويب ستكون إلكترونية كذلك.
3- الببليوجرافيات والقواميس وما في حكمها ستكون إلكترونية وبنسبة 100%.
4- الدوريات سيتم الرجوع إليها إلكترونياً بنسبة 90%.
5- الكتب بالنصوص الكاملة ستكون إلكترونية بنسبة 20%.
وتتنبأ الكثير من الشركات الكبرى مثل مايكروسوفت أنه بدءاً من عام 2010م سيتم التراجع بقوة عن الإصدارات الورقية، بحيث لن نجد بحلول 2020م دوريات أو صحفًا مطبوعة.
وبالرغم من هذه التنبؤات فإن طباعة الكتب التقليدية مازالت اليوم تحتل مساحة واسعة في حركة النشر وأسواق المبيعات، بل إن حوالي 90% من المعلومات المنشورة إلكترونياً يتم إعادتها والحصول عليها بأشكال ومخرجات تقليدية، كما أن هناك بعض التحفظات والمخاطر لوسائل التخزين الحديثة والنشر الإلكتروني.
خامس عشر: استنتاجات :
من خلال العرض السابق نستنتج أن المكتبة الرقمية أصبحت أمراً جوهرياً في ظل تطورات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة، وأن هناك اتجاهات عالمية نحو إنشائها؛ لوجود قناعة تامة بأن مثل هذه المكتبة أصبحت ضرورة من ضرورات مجتمع المعلومات, وعليه ينبغي لجميع مؤسسات المعلومات وبشكل خاص مكتباتنا العربية أن تفكر جدياً في التخطيط، ووضع آليات عمل جديدة لإنشاء هذه النوع من المكتبات تماشياً مع توجهات العصر، والمعطيات التكنولوجية الحديثة، لما لذلك من مردودات عملية وفاعلة في جمع وتنظيم وبث المعلومات إلى قطاعات المجتمع المختلفة، ومن ثم المساهمة الجادة في رفد هذه القطاعات بمورد المعلومات الذي بدوره يساهم في رفع مستوى الإنتاج والخدمات.
ومن خلال إدخال المزيد من التكنولوجيا الحديثة واستثمارها في وظائف وأعمال المكتبة بالشكل الأمثل سيجعل منها في النهاية مبنى ذكياً ومركزاً مفتوحاً في عصر بدأ يتجه نحو النشر الإلكتروني بشكل مكثف في مختلف ميادين المعرفة، وبذلك فإن المستقبل سيكون لهذه المكتبات التي تواكب التطورات السريعة المتلاحقة في تقنيات المعلومات والاتصالات وبرامج الوسائط المتعددة، وتتبنى مثل هذه التقنيات وتطوراتها، وتتكيف معها، وستظل الحاجة قائمة لأمناء المكتبات المؤهلين واختصاصيي المعلومات الذين يؤدون وظائفهم في تحسين خدماتها ووضع الخطط والإستراتيجيات التي تحقق تطورها وتعزز دورها في خدمة المجتمع دون أن يؤدي كل ذلك إلى إلغاء مطلق للمكتبة التقليدية.
أما بالنسبة لمهمة بناء هذا النوع من المكتبات فلا يمكن أن ينهض به شخص واحد وإنما يحتاج ذلك إلى فريق عمل متكامل من مهندسي الحواسيب والمبرمجين ومحللي المعلومات ومصممي النظم وأمناء المكتبات والمعلومات، وأن تفهم كل مجموعة لأبعاد وطبيعة عمل المجموعات الأخرى ضمن هذا الفريق، وبتلاحم كل الجهود والإمكانات يمكن أن يتحقق تكامل العمل ونجاحه.


هوامش ومصادر البحث


1- منى محمد علي الشيخ "المكتبة الرقمية:المفهوم والتحدي"،المجلة العربية للمعلومات، مج 21، ع1 (2000م)، ص86-88.
2- تنظر المصادر التالية:
أ- أحمد حسين المصري "المكتبة الإلكترونية، المكتبة الرقمية، المكتبة الافتراضية" شبكة أخصائي المكتبات والمعلومات. Librarian Net ، ع9 (أبريل 2003م) ص2-4.
http://www Librarian Net.com
ب- حسن عواد السريحي وناريمان خالد حمبيشي "مبنى المكتبة الإلكترونية: دراسة نظرية للمؤثرات والمتغيرات) مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية، مج6، ع2 (أكتوبر 2000م – مارس 2001م). ص199- 203.
ج- ناريمان إسماعيل متولي. الاتجاهات الحديثة في إدارة وتنمية مقتنيات المكتبات ومراكز المعلومات، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2002م ص118-119.
3- صالح الدلهومي "إشكالية المكتبة الإلكترونية ومستفيديها"في: أعمال المؤتمر العاشر للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات حول: المكتبة الإلكترونية والنشر الإلكتروني وخدمات المعلومات في الوطن العربية المنعقد في نابل من 8 إلى 12 أكتوبر 1999م/ جمع وتقديم وحيد قدورة، تونس: المعهد الأعلى للتوثيق، جامعة منوبة 2001م، ص72-76.
4- نقلاً عن : ناريمان إسماعيل متولي. المصدر السابق، ص119.
5- نزار عيون السود." المكتبات الجامعية ودورها في البحث العلمي في ظل التقنيات الحديثة" العربية 3000. س3، ع3-4(2002م)، ص158.
6- Fox, Edward and urs, Shalini R. " Digital Libraries " ln: Annual Review of Information Science and Technology. (U.S.A,2003)PP: 505-507.                       
7-                                          Ibid, PP:507-508.
8- ينظر كل من :
أ-  حسن عواد السريحي وناريمان خالد حمبيشي. المصدر السابق، ص203.
ب- Schwartz, Candy. "Digital Libraries: An Overview" The Journal of  Academic Librarianship, Vol 26, No. 6 (November 2000) P.386.          
9- ينظر كل من :
أ- عاطف يوسف "صعوبات استخدام الباحث العلمي للمكتبة الإلكترونية" رسالة المكتبة، مج 35، ع1-2 (آذار- حزيران 2000م)، ص6-14.
ب- صالح الدلهومي. المصدر السابق، ص82-83.
10- Fox, Edward and urs. Shalini R. OP.cit.,p513.                                          
11- حسن عواد السريحي وناريمان خالد حمبيشي. المصدر السابق، ص209-216.
12- هشام بن عبدالله عباس "المكتبات في عصر الإنترنت: تحديات ومواجهة"، المجلة العربية 3000، س2، ع2 (2001م)، ص97-108.
13- نقلاً عن حسن عواد السريحي وناريمان خالد حمبيشي. المصدر السابق، ص206.
14- صالح الدلهومي. المصدر السابق، ص72.
15- منى محمد علي الشيخ . المصدر السابق، ص91-92.
16- Fox, Edward and urs. Shalini R. OP.Cit.,p523.                                         
17- ناريمان إسماعيل متولي. المصدر السابق، ص 67-74.
18- Tesing, G. Poulter, and Hiom. D. The Library and Information   Professional's guide to the Internet. London: Library Association Publishing, 2000.PP.40-41.                  
19- إيمان السامرائي "مصادر المعلومات الإلكترونية وتأثيرها على المكتبات" المجلة العربية للمعلومات، مج 14، ع1 (1993م) ص69-71.
20- Sreenivasulu, V. "The role of adigital Librarian in the management of digital information system" The Electronic Library Vol. 18, No. 1 (2000) PP: 14-15
21- داولين، كنييث. المكتبة الالكترونية: الآفاق المرتقبة ووقائع التطبيق، ترجمة حسني عبدالرحمن الشيمي . الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عمادة البحث العلمي، 1995م، ص 77-81.
22- Benson, A. Complete Internet Companion for librarians. London : Neal    Sehuman Publishers, Inc, 1999,pp:25-34.
23- مبروكة عمر محيريق "المكتبة الإلكترونية وأثرها على العاملين بالمكتبات ومراكز المعلومات" في: أعمال المؤتمر العاشر للاتحاد العربي للمكتبات. المصدر السابق، ص 595-600.
24- تنظر المصادر التالية :
- النادي العربي للمعلومات. نظم المعلومات الحديثة في المكتبات والأرشيف. دمشق: النادي، تموز، يوليو2000م ، ص59-61.
-  Fox, Edward and Shalini R. Urs. OP.Cit.,PP: 538-539.                             
-  Rasario Lopez de prudo. "Do urers dream of Electronic Libraries?" The Electronic Library Vol. 18,No.3 (2000) PP:206-208.
25- باربر، ديفيد ، ترجمة محمد أمين مرغلاني " بناء المكتبة الرقمية: المفاهيم والمجالات" دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات، مج 5، ع2 (مايو 2000م)، ص 168-170.
26- Arms, William. Digital Libraries. Cambridge: MIT Press,                             
27- صالح بن محمد المسند."تقنيات المعلومات والاتجاهات الراهنة في المكتبات ومراكز المعلومات" دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات. مج5،ع3(سبتمبر2000م) ص 26-27.
28- بلينجتون، جيمس "المكتبة الرقمية"محاضرة/ جيمس بلينجتون، تابعها سحر حسنين محمد (وآخرون)، الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات، مج2، ع4 (1995م) ص 260-262.
29- سعد الهجرسي. " التطبيقات الجارية في تكنولوجيا المعلومات" عالم الكتاب ع 57(يناير- مارس 1998م)، ص 28-30.
30- طارق محمود عباس. المكتبات الرقمية وشبكة الإنترنت، القاهرة: المركز الأصيل للطبع والنشر والتوزيع، 2003م، ص 118-119.
31- Shaw, Elizabeth. "Building A Digital    Library: A Technology  Manager's Point of view" The Journal of Academic Librarianship. Vol.26,No.6 (November2000) PP:394-398.                 
32- عامر قنديلجي وإيمان السامرائي. تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها.عمان: مؤسسة الوراق، 2002م، ص 414-415.
33- نقلاً عن ناصر بن صالح الزايد "النشر العلمي الإلكتروني طريقة جديدة لتشجيع البحث العلمي والنشر"،(صفحات متفرقة) http://www.Cos.Ksu.edu.Sal
34- مجبل لازم المالكي "تجارب في المكتبات الإلكترونية ومهام جديدة لأمناء المكتبات" ملحق الثورة الأسبوعي (صنعاء) ع13921 (23 ديسمبر 2002م)، ص13.
35- عامر قنديلجي وإيمان السامرائي. المصدر السابق، ص 344-345.
36- Fox. Edward and urs, shalini R. Op.Cit.,PP:555-556.                             
37- عبد اللطيف الصوفي "المكتبات الجامعية في مجتمع المعلومات بين المشكلات والحلول"، المجلة العربية3000، س3، ع3-4 (2002م)، ص113-114.


 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق